الخميس، 29 ديسمبر 2016

رسالة موحد إلى معدد ..


د. وائل أحمد خليل الكردي
wailahkhkordi@gmail.com

يا صاحب الرفاق .. اذا كانت المرأة في حياتك مجرد ماعون لقضاء الحاجة الجنسية وإنجاب الاولاد ورعايتهم .  وطهي الطعام .وتنظيف البيت وغسل الثياب ..  فإذن انت محروم وحق لك ان تتزوج اربعة ومعها ما تشاء مما ملكت يمينك ..  خاصة لو كنت ممن يمعنون التفكير جل الوقت في الخسائر والأرباح ..
وأما ان كانت هي تلكم الحبيبة .. شريكة الحياة بكل دقائقها .. تدخل معك وجودك فتمنحه متعة واستقرارا. .  وتدخل معك عقلك وفكرك فتمنحه قيمة وتفتحاً .. وتدخل معك محرابك فترفع من درجة ايمانك .. وتدخل معك افراحك فتزيد سرورك .. وتدخل معك احزانك فتزيل همومك .. تجعل لضحكاتك معنى .. وتجعل لدمعاتك مغذي .. وتجعلك لضيقك مخرجا باذن الله .. تحبك لا لأنك تملك وتنفق ..بل تحبك لأنك انت انت .. عندما تتبسم انت لها فتلك كل دنياها .. وعندما تغضب وتولي عنها وجهك فذاك كل خسرانها .. تشتاق اليك وتشتاق اليها وانتم بين جدران بناء واحد .. ويدعو كل منكم ربه خاليا ان يكون قبض روحه هو اولاً فهو لا يقدر على ذبحة الفراق أن يحيا  هو فوق الارض وتحتها شريك حياته ..
ان كان منكم من هو هكذا فتلك هي جنة في الدنيا لو علمتها حواء الأخرى لجالدت كل نساء الارض زوجته  الوحيدة تلك بالسيوف والكيد .. ويلحق بالطيبون الطيبات في الدار الآخرة ..
هذا هو من يتذوق متعة حياته  وعمره وعلمه وفنه قطرة قطرة  .. ولا مكان لديه لأخريات كثيرات ينتزعن قطعا من وجوده فلا يبقى له من ذاته لنفسه إلا بعض الفتات وشعث الفراء ..
كل هذا باستثناء خير البشر .. وحتى هو لم تغني لديه الثمانية في قلبه عن عائشة الواحدة .. حتى اظن ان زواجه بهن دونها ليس لحاجة له بل هو كمال لهن ..
والباحث في الواقع والتاريخ يلقى ان اعظم عطاء الانسانية كان ممن قل نساؤهم وذاد توحدهم .. ولا تقل لي انك بلغت اعلى المراتب في الشهادات والمناصب .. فهذا لك نجاح وأما ما لذاك فهو التفوق والعلو   ..
اما عن جوهر المشكلة الانسانية في التعدد .. فليست في تلبية اربعة جباه وأنت بمفردك  فحسب..وإنما في همك انك لن تعدل بين النساء ولو حرصت فذاك امر الله ماض على رقبتك  فيكون في الظلم عبئا لك على اعبائك بهن .. مسكين أنت . فإما انك في هذه الحال شريد النفس ضائع البال .. وإما انك هارب مغترب دوما عن  نفسك .. فأنت واحد ولكن حياتك ليست واحدة .. بل ستظل دوما شرها الى تجديد تلك الاباريق والمواعين من النساء دون توقف .. فمتى ذقت واحدة ثم الفتها .. تاقت نفسك بعدها الى طعم جديد .. وهكذا حتى نهاية آخر قطرة من دمك .. هذا إن كنت مستطيعا .. أما إن عجزت عند الثانية أو الثالثة أو الرابعة فذاك هم آخر وغم عظيم بحريق التطلع ما مرت بك الخواطر والرغائب وألوان النساء .. فتصير النساء اكبر همك وان اخفيته عن الناس ولكن عينك على نفسك بصيرة .. واخشى عليك من فرط عيشك للمنشئآت في الحلية بحياتك .. ان تصير ناعم اليد فاقد لعزم الرجال غير مبين في الخصام وإن بدا عليك غلظة الشارب والتفاف العضلات ..
اخيراً .. اخي الكريم فالتعدد مباح من المباحات .. ولكنه ليس الافضل للرجال .. وان  كان الافضل للنساء .. ولم يذكر الله تعالي نكاح الطيب من النساء مثنى وثلاث ورباع إلا بشرط الإقساط في اليتامى قبلها .. وهو شرط خارج عن وجدان الرجل وذاته .. فأين بربك (الواحدة) الأولى قبل (المثنى) وما بعدها .. لقد جاء ذكرها في خوف القلب أن يزيغ نحو إحداهن فيميل بها كل الميل دون الأخريات ، والخوف عاطفة .. والعاطفة صميم الوجود وعين الذات ..
وان كان التذرع في التعدد بتكثير الولدان .. فأكبر المصيبة أن نزيد البحر غثاءً بأن الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه (حسابات الربح والخسارة ثم تربية الأنجال) فتطلب دون ذلك الرعاية لك من فيض النساء العوان لديك وعشائر القطعان من البنين والبنات عوضاً عن أن كنت أنت الراعي لهم القائم عليهم .. ولا خير فيمن ضاق عزمه ووسعه ان يبني بيديه ما قد انتجته نطفته ..  فإياك ان تزرعه انت ويحصده سواك  ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق