أوهام الكهف .. (خرافة
البرمجة العصبية اللغوية)
د.
وائل أحمد خليل الكردي
لقد صدق (هيراقليطس) الإغريقي حين قال
"إن الناس تلتمس المعرفة في عوالمهم الصغرى الخاصة وليس في العالم
الأكبر" .. فهكذا فعل الكثير من الرجال والنساء والشباب في عهودنا القريبة ..
فكل أرد أن يبني العالم في كهفه .. وأن ينظر إلى الدنيا من طاقة ذلك الكهف ثم يحكم
به الوجود ويسود به وجه الأرض .. فما كان إلا أن وقعوا فريسة شراك سهل عليها
اصطيادهم فرادى وجماعات وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .. بسبب هشاشة نفوسهم وضيق
منطقهم وقلة ثقتهم بذواتهم وعقيدتهم .. فاختلطت المفاهيم واكتسى الباطل في أعينهم
ثوب الحق فضل سعيهم وأضلوا.. ومن هذه الشراك العضال ما حجب صفحة السماء بغيم كثيف
في عقول الناس وسُحرت به أفئدتهم ما عرف بـ (البرمجة العصبية اللغوية) Neuro
– Linguistic Programming NLP والتي هي في حقيقتها خرافة العصر الراهن ..
تعلمنا التجارب أن أي كيان يتم عزله عن
الأصل الكوني الحقيقي العام له ليصبح كياناً مستقلاً تماماً ببنائه وأهدافه
وقواعده ، فإنما يتحول بذلك إلى كيان (متسرطن) ضرره أكبر من نفعه .. ذلك أنه يسير
باتجاه عكسي . في حين أن الأصل الكوني الوحيد للخليقة هو كلام الله تعالى (القرآن
العظيم) فإن انفصل عنه أو خالفه بنظام أو معتقد أو علم فإن ذلك هو الضلال .. وهذا
ما تم في تأسيس البرمجة اللغوية العصبية كعلم من علوم التأثير والسيطرة .. وليس
المقام هنا للإفاضة في شرح عناصرها
وتكويناتها غير أنها تعني السيطرة على الجهاز ألتحكمي للإنسان أي (الجهاز العصبي) ،
والجهاز التعبيري للشخصية وهو (الجهاز اللغوي) وإعادة البرمجة لهما في منظومة
واحدة بما يعيد خلق شخصية الإنسان بنحو يجعل منه كائناً متفوقاً .. من هنا نشأت
الخرافة وصار من اللازم تقديم نقاط التحذير عليها بما يكشف شيئاً من الأمر..
أولاً- أهم مفكري هذا المجال هم (نوم
تشومسكي) N. Chomsky و(ألفريد كورتزيبسكي) A.
Korzybski وهم من
اليهود ، وقد عملوا على كسر (الجدار الرابع) بين حدث ما وبين تأثيره التفاعلي على
المشاهد أو المتلقي – على نحو ما يفعل أبطال مسرح (بريشت) - مما يعني القابلية
السهلة لاختراق عقول الآخرين والسيطرة عليها حتى لو بدا ظاهرياً أن ذلك بإرادتهم وليس رغماً عنهم .
ثانياً – كلمة (برمجة) تعني أن يتحول
الإنسان إلى مجرد قرص كمبيوتر مدمج يمكن تفكيك معتقداته وإعادة تشكيلها بنحو مختلف
تماماً .. وهذا أمر في غاية الخطورة لأن كلمة (برمجة) لا تصلح مطلقاً في حق
الإنسان . وعليه فإن ما تحاول البرمجة اللغوية العصبية ترسيخه في أذهان الناس
بصورة تلقائية أن أي إنسان هو مادة قابلة للبرمجة وإعادة البرمجة ، هذا من جهه ..
ومن جهة أخرى – والأكثر خطورة – أن هذه البرمجة لأي إنسان تتم بالضرورة على يد شخص
آخر (مبرمج) .. هذا ما أراد أصحاب البرمجة اللغوية العصبية إقناع شعوبنا به واستغلوا في ضعف معلومات الناس
وسهولة انقيادهم وراء الموضات المبهرة سواءً في الأفكار أو الأشياء .. وهذا كله
مناف للفطرة التي فطر الله الناس عليها والتي تقضي بأن الله لا يغير ما بقوم حتى
يغيروا ما بأنفسهم – أي بيدهم هم لا بيد غيرهم – (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله
يهدي من يشاء) القصص56.
ثالثاً – إن البرمجة اللغوية العصبية
بكونها تعتمد على اللغة أو حيز ووسائط التواصل والاتصال وتعتمد التأثير في المستقبلات العصبية الحسية
في إعادة برمجة الإنسان ..فإنها بذلك تستغل وبصورة أساسية ما يعرف في عصرنا الراهن
(بالثقافة السمع- مرئية) والتي تجتذب الملكات الحسية وتربطها بالانفعال اللاإرادي
من خلال الصورة المتحركة والمؤثرات الصوتية ..وهذا ما قد أحدث التهيئة اللازمة في
عقول الناس لأن تتقبل بسهولة فكرة البرمجة .. وذلك بعكس من هم يقطنون خارج المدن
الكبرى والذين تضعف علاقتهم نوعاً ما بالميديات أو وسائط الاتصال عالية التقنية ..
إذن فالنحذر من السم المبثوث في الدسم ،
والذي يراد لنا به أن ننحو نحواً آخر .. نحواً بعيداً .. وأقل ما يقال في مثل هذه
البرمجة اللغوية العصبية هو ما كانت تستعمله المحافل (الماسونية) – التي انتشرت في
بلادنا تحت مسميات مختلفة – بصورة خفية في تحقيق الأغراض الصهيونية بواسطة تجنيد
من هم غير اليهود لتنفيذها ..
اللهم هل بلغت .. اللهم فاشهد ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق