الأربعاء، 27 سبتمبر 2017

عودة (الجندر) Gender .. ماذا ورائها ؟


عودة (الجندر) Gender .. ماذا ورائها ؟

د. وائل أحمد خليل الكردي
(النساء شقائق الرجال) فالشق يتميز عن شقه الآخر بوظائفه ليصيب كل منهما سهما في الوجود بجانبه فتكتمل الصورة ، فالشق إذن يكمل شقه الثاني ولا يناقضه .
  منذ مطلع القرن العشرين بدأت في عالمنا الثقافي العربي أقوى دعاوى تحرير المرأة على منوال (قاسم أمين) و(مرقص فهمي) و(هدى شعراوي)  و(سهير القلماوي) و(نوال السعداوي) وآخرون وتسليمها حق المساواة الكاملة بالرجال دون تمييز لسهم أي منهما في الوجود .. وكان الظاهر من الأمر في ذلك هو تخليص النساء من قيد المجتمعات الذكورية على غرار ما فعلت أوروبا سلفاً عبر قادة الفكر الاجتماعي بها ولم يكن من الضروري لهؤلاء العرب معرفة الخفايا والأسرار والعلل البعيدة لنفس هذه الدعوة لدى نظرائهم الأوروبيين .. واليوم عادت تلك الدعوة من جديد بشكل ضارب في القوة بأحشاء مجتمعاتنا لتصير من الخانات الأولى في أجندات تغيير واقع وحياة الناس ..
ولكن .. ماذا كان هو الغرض الحقيقي المخفي من وراء ذلك ؟
لقد ذكر عالم الاجتماع الانجليزي (لويس مورغان) L. Morgan في كتابه المهم (المجتمع القديم ، أو البحث في خطوط التقدم البشري) في العام 1887م كيف أن النسب عند بعض شعوب العالم القديم  والتي لم يزل أثرها باقياً حتى عهده لم يكن إلى الأب بل إلى الأم ، وأن خط الأم كان يعتبر الخط الوحيد لتحديد نسب الأبناء على اعتبار أن العلاقات الجنسية كانت غير محدودة بالزواج الأحادي بل بتعدد الرجال على المرأة الواحدة ، وأن هذا الأمر أدى إلى نفي كل امكانية لتقديم الدليل الأكيد على الأبوة وبالتالي لم يكن من الممكن تقرير النسب إلا حسب خط الأم وبموجب (حق الأم) مما أدى إلى تمتع النساء بوصفهن أمهات بحيازة المصدر الوحيد للثقة بشأن إنشاء الأجيال الفتية ، وبلغ ذلك من الاحترام حد سيادة النساء التامة وظهور ما يعرف بـ (جينيكوقراطية) Gynecocratic أي (حكم النساء) .. ربما بذلك كانت المطالبة بتحرير المرأة على غير ما ترسمه التعاليم الدينية السماوية هدفها تحقيق الفرصة لمشاعية أنثوية بأسم الحرية والاختيار والانسانية المجردة ، فإذا تحقق هذا لهم سدوا بذلك كل فرصة أمام مقولات الصفاء العرقي والأجناس المتفردة بنحو ما حكمت الشيوعية الماركسية – اللينينية بالقضاء على سلطة العرق كأحد أهم الاجراءات للتذويب البشري العام في مجتمعات الاشتراكية العالمية ..
ثم تعالت حدة هذه الدعاوى لتحرير المرأة وما يخفيه من إحياء جديد (لحق الأم) عقب كارثة الحرب العالمية الثانية التي تسببت فيها الأفكار المنادية بضرورة تنقية العرق الآري المتفوق في مواجهة كافة شعوب العالم .. إذن فإلغاء العرقية – يمكن القول – كان هو السبب وراء حركة تحرير النساء ، وبسبب هذا تعاظم الزعم بحقوق (الجندر) وترقية مهام النوع الأنثوي ، ومن خلف ذلك مخطط آثم لضرب سنة الله في الخلق لشعوب وقبائل ، وأن تنصهر كافة طرق الحياة في داخل قارورة واحدة تختلط فيها كل الأعراق ثم لا تلبث أن تختفي جملة لتتحول إلى طريقة حياة واحدة عالمية بلا عرقية .. إن تلك القارورة ستؤدي في المستقبل نفس الدور الذي كان منوطاً ببناة (برج بابل) القديم الذي يجتمع كل البشر فيه ليعيشوا ويتحدثوا لغة وحياة واحدة .. ولكن ها الله تعالى أبى عليهم مطالبهم بأن أظهر بالعلم وسائل توثيق جديدة للأنساب مثل شفرة DNA بما يحفظ الحق الأبوي في الأبناء بجانب حق الأم ، وأيضاً لإبقاء تقسيمات الشعوب والقبائل كسمة اجتماعية وجودية يتم بها تعيين المعروف بين الناس ، وربما ما خفي كان أعظم ..
 (هو الإنسان .. لطالما يصر على على الصعود فوق مظانه وبناء قصور الأحلام عليها ، ثم يحسب دائماً أنه يحسن صنعاً .. ولكنه في كل مرة يعود ويرد إلى أسفل سافلين) ..   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق